تــحـــضيـــر الأرواح ( حقائق وأسرار .. تحقيق فريد من نوعه)
---------------------------------------------
انتشر في عصرنا القول بتحضير الأرواح ، وصدّق بهذه الفِرية كثير من الذين يعدّهم الناس عقلاء وعلماء حتى إنى منذ فترة بسيطة وقع فى يدي المجلد الأول من كتاب " الإسلام فى عصر العلم " للأستاذ محمد فريد وجدي وهو مؤسس مجلة الأزهر ، فإذا بى أفاجأ بأن هذا الرجل من القائلين بل والمؤمنين بإمكانية تحضير الأرواح عبر وسيط والحديث معها مستدلاً بأقوال مفكرين غربيين معتبراً أقوالهم الحق المبين الذى كسر الجهل فى عصر العلم ، فإذا بى أقول سبحان الله ! كيف يقع رجل مثل " محمد فريد وجدي " فى هذا الضلال المبين وهو الرجل الذى أسس مجلة الأزهر الأسلامية التى مازلت تمتعنا إلى الأن فى بداية كل شهر هجري بمواضيعها الرائعة ! ولكن لكل إنسان زلة وقد تكون هذه الزلة من أغرب ما يمكن .
*الدكتور مصطفى محمود : و أغلب الظن أن ما يحضر يكون من الجن المصاحب لهذه الأنفس في حياتها (القرناء)
* الكاتب أحمد عز الدين البيانوني : ادعى أحد الجن فى أحدى الجلسات انه روح الشيخ أحمد الترمانيني فانكشف لي أنه الكذب لا شك فيه
* الأستاذ زهير حموي : لم تستطع الأرواح المحضرة دخول الحرم وهذا دليل على أنها من الجن وليست أرواح.
يقول الدكتور مصطفى محمود فى مقاله " النفس والروح " (كلمة " تحضير الأرواح " كلمة خاطئة، فالأرواح لا تستحضر، و لا يمكن لأي روح أن تستحضر، لأن الروح نور منسوب إلى الله وحده، و هو ينفخ فينا هذا النور لنستنير به.. و هذا النور من الله و إلى الله يعود و لا يمكن حشره أو استحضاره.. أما ما يحشر و يستحضر فهي الأنفس و ليس الأرواح.. هذا إذا صح أن هؤلاء الناس يستحضرون أنفسا في جلساتهم.. و أغلب الظن أن ما يحضر يكون من الجن المصاحب لهذه الأنفس في حياتها (القرناء)، و كل منا له في حياته قرين من الجن يصاحبه، و هو بحكم هذه الصحبة الطويلة يعرف أسراره و يستطيع أن يقلد صوته و إمضاءه، و هذا الجن هو الذي يلابس الوسيط في غرفة التحضير المظلمة، و يدهش الموجودين بما يحسبونه
خوارق ) وكلام الدكتور مصطفى مجمود يعتبر صحيحاً جداً .
وللدلالة على كلام الدكتور مصطفى محمود أنقل لكم كلاماً عبارة عن تجربة خاضها الكاتب "أحمد عز الدين البيانوني" ذكرها في كتاب "الإيمان بالملائكة" يقول (عرفت منذ أكثر من عشر سنوات تقريباً رجلاً ، يزعم أنه يستخدم الجن في أمور صالحة في خدمة الإنسان ، وذلك بوساطة وسيط من البشر .ويزعم أنه توصّل إلى ذلك بتلاوات وأذكار طويلة ، قضى فيها زمناً طويلاً ، دلّه عليها بعض من يزعم أنه على معرفة بهذا العلم ! جاءني الوسيط ذات يوم يبلغني دعوة فلانٍ وفلانة من الجن ، لحديث هامّ ، لي فيه شأن عظيم . فذهبت في الموعد المحدد ، متوكلاً على الله ، فرحاً بذلك ، لأطلع في هذه التجربة على جديد ، دخلت بيت الوسيط ، وخلونا معاً في غرفة ، وجلس هو على فراش ، وبدأنا – بدلالته طبعاً نستغفر ونهلل – حتى أخذته إغفاءة ، فَأضجعته أنا على فراشه ، وسجيته بغطاء ، كما علمني أن أفعل .. بالوسيط وأهله ! وأن أرعاه رعاية عطف وإحسان ، إذ لا مورد له من المال إلا من هذا الطريق .وختم حديثه بالصلاة الإبراهيمية ، وأنا أعلم أنه رحمه الله تعالى ، كان شديد الولع بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا سيما الإبراهيمية .وكان من العجب أن لهجة المتحدث شبيهة إلى حدّ ما بلهجة الوالد . ثم سلم وانصرف .
وأخذت أتسائل في نفسي : لم أوصوني أن لا أسأله عن شيء ؟ !
في الأمر سر ولا شك ! السر الخفي الذي انكشف لي آنذاك ، أنه ليس بوالدي ، ولكنه قرينه من الجن ، الذي صحبه مدة حياته ، فجاءني يمثل لي صوته ، ويتشبه بخصوصية من خصوصياته .أوصوني أن لا أسأله عن شيء ؛ لأن القرين من الجن ، مهما عرف من شأن والدي وحفظ من أحواله ، فلن يستطيع أن يحفظ كل جزئية يعرفها الولد من أبيه ، فحذروا أن أسأله عن شيء من ذلك ، فلا يجيبني ، فيفتضح الأمر .
ثم سلكوا معي في لقائي مع الآخرين ، أن لا يعرفوني بأسمائهم إلا عند انصرافهم ، فيقول أحدهم : أنا فلان ، ويسلم ، وينصرف على الفور .
وفي ذلك من السر ما ذكرت : فلو أخبرني واحد منهم عن نفسه ، وهو مشهود له بالعلم ، فبحثت معه في إشكال علمي ، لعجز عن الجواب ، وانكشف الأمر .
وقد أتاني آتٍ مرة يناقشني في إباحة كشف وجه المرأة ، وأنه ليس بعورة ، فرددت عليه ، ورد عليّ رداً ليس فيه رائحة العلم ، واحتدم الجدال بيننا .
فقلت له : وماذا تجيب عن أقوال الفقهاء الذي قالوا :
إن وجه المرأة عورة ، أو يجب ستره خشية الفتنة ؟
وانتهى الجدال إلى غير جدوى ، ثم أخبرني أنه الشيخ أحمد الترمانيني ، وانصرف .فانكشف لي أنه الكذب لا شك فيه ، لأن الشيخ المذكور من كبار فقهاء الشافعية ، والسادة الشافعية يقولون : المرأة كلها عورة ، ولو عجوزاً شمطاء .فلو أنه كان هو الشيخ المذكور ، وانكشف له من العلم جديد ، وهو في عالم البرزخ ، لأخبرني بذلك ، وأرشدني إلى دليله .
ولكنه الكذب والخداع ، وإرادة التضليل . وأبى الله تعالى – والحمد لله – إلا هداي ، وثباتي على الحق والهدى
وفى كتاب "الإنسان بين السحر والعين والجن " يحكي الأستاذ "زهير حموي " قصة عن أكابر هؤلاء المحضرين ، وكيف أنهم قدموا إلى مكة المكرمة ليثبتوا أنهم على حق ، وقضوا الليل كله في إحدى الحجرات الملحقة بالحرم يحاولون تحضير إحدى الأرواح زاعمين أنه لو كانت الأرواح المحضرة من الشياطين فإنها لا تدخل الحرم إلا أن محاولتهم تلك باءت بالفشل ولم يستطيعوا فعل شيء
* وزير حربية الرئيس عبد الناصر ورجاله وتحضير الأرواح
* رياض المالكي : كنا نعمل في القاهرة مع بعض الوزراء المركزيين على عقد جلسات تحضير الأرواح
من المقبول عقلاً أن نتصور أن يكون أغلب ضحايا جلسات تحضير الأرواح من الجهال والموتورين ولكن أن نفاجأ أن هناك طبقات رفيعة جداً من المجتمع مؤمنة بها فهذا شىء غريب جداً وخصوصا لو كانت هذه الطبقة الرفيعة من السياسيين الذين يصنعون تاريخ بلادهم
ففى فضيحة مدوية نشرتها جريدة "الأهرام" (4/5/ 1971) حول اشتغال رجال القمة من الساسة المصرين، ومن كبار معاوني عبد الناصر بتحضير الأرواح. ومنهم وزير الحربية، الفريق أول محمد فوزي وسامي شرف سكرتير عبد الناصر للمعلومات، وشعراوي جمعة وزير الداخلية. وكان الوسيط بين هؤلاء والأرواح أستاذاً جامعياً. وحسب رواية حسنين هيكل، فإن هؤلاء كانوا يقومون بسؤال الجن للحصول على إجابات تتعلق بالوضع العسكري والسياسي.فأى سخرية هذه !! بل إن الكاتب " أنيس منصور " وهو من أكبر مروجي فكرة تحضير الأرواح يذكر أن السفير المصري في جاكرتا، وطاقم السفارة هناك، بما فيهم الملحق العسكري، والملحق الصحافي، كانوا يقومون بتحضير الأرواح بالسلَّة. وشرح لقرائه في جريدة "أخبار اليوم"، كيف يمكن لأي قاريء، أن يقوم بذلك بسهولة في بيته، ويستحضر من يريد من الأرواح بقليل من البخور! ولم يكتفِ منصور بترويج "تكنولوجيا الأرواح" هذه، بل ذهب إلى تقديم "مساهمة نظرية" في "علم الأرواح" ..إنها تلك السخرية أن يكون امثال هؤلاء الطبقة البارزة فى المجتمع
والمثقفة فيها
وفي سوريا، كان للخرافة والشعوذة، دور في تشكيل العقل السياسي العربي. فيؤكد رياض المالكي، في كتابه "ذكريات على درب الكفاح والهزيمة" أن هناك عدداً من الوزراء السوريين في دولة الوحدة المصرية – السورية، كانوا يقومون بادعاء تحضير الأرواح. وأن فاخر الكيالي (أحد الوزراء السوريين المركزيين في حكومة الوحدة)، قال إننا نعمل في القاهرة، مع بعض الوزراء المركزيين، على عقد جلسات تحضير الأرواح، وأن هذه مسألة "علمية" لا شك في جديتها. والسلطات العليا في القاهرة والمسؤولون الكبار يهتمون بها ويمارسونها. وهي تساعدهم على حلِّ عُقد كثيرة في شؤون السياسة والحكم!! .. أليست سخرية هذه يا سادة ؟!!
حكم الإسلام فى مسألة تحضير الأرواح
موقف الإسلام من إمكان إحضار روح المتوفى ؟ إن التأمل في النصوص التي وردت في هذا تجعل الباحث يعطي حكماً جازماً أن ذلك مستحيل ، فقد أخبرنا الله أن الروح من عالم الغيب الذي لا سبيل إلى إدراكه : ( ويسألونك عن الرُّوح قل الرُّوح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلاَّ قليلاً ) [ الإسراء : 85 ] .وأخبر الحقّ – تبارك وتعالى – أنه يتوفى الأنفس ، وأنه يمسك النفوس عند موتها ( الله يتوفَّى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها فيمسك الَّتي قضى عليها الموت ويرسل الأخرى إلى أجلٍ مسمّىً ) [ الزمر : 42 ] .وقد وكّل الله بالأنفس ملائكة يعذبونها إن كانت شقية كافرة ، وينعمونها إن كانت صالحة تقية .وقد بين لنا الرسول صلى الله عليه وسلم كيف يقبض ملك الموت الأرواح وما يفعل بها بعد ذلك .
والأرواح إذا كانت مُمْسكة عند ربها وكل الله بها حفظة أقوياء مهرة ، فلا يمكن أن تتفلت منهم ، وتهرب لتأتي إلى هؤلاء الذين يتلاعبون بعقول العباد .
وبعض هؤلاء يزعم أنه حضّر روح عبد من عبيد الله الصالحين من الأنبياء والشهداء ، فكيف يتركون جنان الخلد إلى حجرة التحضير المظلمة ، فقد أخبرنا الله أن الشهداء أحياء عند ربهم : ( ولا تحسبنَّ الَّذين قتلـوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون ) [ آل عمران : 169 ] .
وقد بين الرسول صلى الله عليه وسلم ( أن أرواح الشهداء في أجواف طير خضر ، لها قناديل معلقة بالعرش ، تسرح من الجنة حيث شاءَت ، ثمّ تأوي إلى تلك القناديل ) . رواه مسلم في صحيحه (4) ، فكيف يزعم دجالو العصر أنهم يحضرون أرواح هؤلاء ؟ كيف ؟ ( كبرت كلمةً تخرج من أفواههم إن يقولون إلاَّ كذباً ) [ الكهف : 5 ] .
---------------------------------------------------